د. محمد مشتهى
النظام السياسي الفلسطيني عامة يعتبر حديث نسبي، وفيه تناقض كبير ولكي يستقيم هذا النظام بحاجة الى استقرار، وإن أهم عامل لعدم استقراره هو الإحتلال، فالاحتلال يصعِّب من وجود نظام سياسي مستقر، وبالتالي المدخل لاستقرار النظام السياسي الفلسطيني لن يكون يوما مدخلا قانونيا وانما سياسيا توافقيا.
في الدول المستقرة عامّة، الدستور يكون ضامن لاستقرارها، فهو ينظّم حياة الناس والعلاقة بين الحاكم والمحكوم والعلاقات المجتمعية بشكل عام، أما بالنسبة لنا كشعب محتل فالدستور لا يمكن أن يضمن لنا نظام سياسي مستقر بشكل كامل فهو يساعد بشكل غير مكتمل، أما ما يساعد بالاستقرار هو التوافق السياسي، وان الجدل القانوني حول مؤسسات الوطن لا يستقيم فلسطينيا لأننا لازلنا في مرحلة تحرر وطني، والاحتلال يتدخل في تفاصيل حياتنا، ففي يوم واحد تم وضع العديد من أعضاء المجلس التشريعي في سجون الإحتلال، وبالتالي من الاستحالة أن يكون المدخل لحل مشاكلنا هو قانوني، التوافق لحل القضايا الخلافية الجوهرية في صراعنا مع الإحتلال، التوافق في تنظيم وادارة خلافاتنا وليس التصادم، فالخلاف الذي نستطيع حله نراكم عليه وما لا نستطيع حله ننظمه بحيث لا يصبح مدخلا للاشتباك، أما إذا ذهبنا الى ادارة خلافاتنا من منطلق قانوني ثم صارت لغتنا كالتالي: المادة كذا تقول والبند الفلاني من اللائحة كذا يقول، حينها سنتحول الى مجلس طلبة.
عندما نتحدث مثلاً عن اعادة بناء منظمة التحرير وعن الشراكة السياسية وعن كل القضايا الخلافية، المطلوب هو التوافق السياسي، أما إذا تهنا في تفاصيل بنود ومواد الدستور فإننا سنصطدم في فخوخ قانونية عديدة يقوم بإعدادها المنتفعين لتنفيذ أجندات حزبية وشخصية وليست وطنية.
منظمة التحرير الفلسطينية تحولت الى مزرعة وملك شخصي بفعل المدخل القانوني ثم أصبح الشعب الفلسطيني لا يحصد من خلال مؤسساتها سوى الانقسام والصراعات وكل هذا يتم بعيداً عن التوافق السياسي ومن مداخل قانونية.
في عدم وجود التوافق السياسي ومن المدخل القانوني، السلطة ابتلعت منظمة التحرير الفلسطينية فأصبحت هياكل عظمية بمؤسسات موميائية محنّطة منهارة لحساب السلطة وأصبحت تفتقر الى البرامج الوطنية ثم تاهت وفي النهاية وقعت في أحضان المحتل.
كلمة السر في مشروعنا الوطني هي أننا لا زلنا في مرحلة التحرر الوطني، وفي مرحلة التحرر الوطني يُبنى على الشيء بمقتضاه.
المدخل القانوني لا زال يأخذنا بعيدا عن الحلول بل ويعمقها ومن المدخل القانوني تم حل المجلس التشريعي في اجتماع للمجلس المركزي، كل هذا الصراع والتفنّن في صناعته يتم تحت الغطاء القانوني، الذي ستجد من المواد القانونية والدستورية ما يفسر ذلك، بيد أن النصوص القانونية الكثير منها يخضع للاجتهادات والتفسيرات، فيأخذ منها كل طرف من نصوصه ومواده القانونية ما يشاء ويتجاهل منها ما يشاء، اذن الخطورة والهالة التي يستند عليها المنتفعين من الانقسام والتي تساعدهم على تمرير خطواتهم التي تزيد من الفجوة وتعمّق الأزمة هي الهالة القانونية والمدخل القانوني والتي سيجدون المئات من المطبّلين وخالقي المبررات لتغطيته، لذلك علينا الذهاب الى المدخل المهم والذي يأتي في سياقات وطنية ويناسب مرحلة التحرر الوطني الذي نعيشها، وهو المدخل السياسي التوافقي.